العنقاء للثقافة

مجلتك الثقافية

أبحاث ودراسات

في الخطاب المسرحي الجزائري المعاصر: قالمة تناقش “إشكالية التهجين اللغوي المعاصر”

نظمت كلية الآداب واللغات بجامعة 8 ماي 1945 بقالمة بالجزائر، مؤخرا، الملتقى الوطني الثالث عشر في الأدب والمنهج، حول “إشكالية التهجين اللغوي في الخطاب المسرحي الجزائري المعاصر: دراسات وأراء نقدية”، بمشاركة أساتذة جامعيين من جامعات تبسة، سكيكدة، قسنطينة، عنابة، برج بوعريريج، سوق أهراس، خنشلة، أم البواقي وقالمة.
أوضح البروفيسور صالح قسيس من جامعة “محمد البشير الابراهيمي” ببرج بوعريريج، في مداخلة “بنية الحوار المسرحي الجزائري من منظور النقد الأدبي”، أن المتلقّي المتنوّع يحتاج إلى لغة معيّنة يشارك فيها الممثل والسينوغرافي، مبرزا أن الحوار المسرحي متنوّع، بحيث هناك من يستمع إلى اللغة بكل تمظهراتها، وهناك من يستعمل السينوغرافيا، والمستهدف الأساسي في العملية المسرحية هو المتلقّي، وأكد قسيس أن المسارح الجزائرية تعاني، وكذا المسرحيون على حد سواء، فبقي النص المسرحي حبيس الإدراج، كما أن المسارح أصبحت تعاني من عدم إقبال الجمهور بسبب غياب الثقافة المسرحية.
من جهتها، أكدت الدكتورة وردة حلاسي من جامعة 8 ماي 1945 بقالمة، أن المسرح الجزائري مازال يعاني من التذبذب في النص والعرض، وقالت أن اللغة المسرحية تعرف تعدّدا لغويا، وأصبحت هجينة تتداخل فيها العديد من اللغات، العربية الفصحى والأجنبية كالفرنسية والانكليزية والايطالية، حيث دعت إلى وضع المصطلحات في نصابها، كما تساءلت حلاسي عن مكانة اللغة العربية ضمن الفنون الأدبية وخاصة المسرح، قائلة: “بأي لغة نتكلم؟ هل باللغة العربية الفصحى أم الأجنبية؟”، وأردفت: “نحن نعيش صراع اللغات، فهل اللغة تعيش حياة حوار أم حياة صراح؟”.
كما أوضحت الدكتورة مليكة حيمر من جامعة قسنطينة 1، أن النص المسرحي يكتب ليمثّل، ولا يبقى حبيس الصفحات، وأن الواقع والمقام هو الذي يفرض على النص المسرحي نجاحه، كما أن ثقافة القارئ هي التي تفرض سلطتها ونجاح النص، مضيفة أن هناك تضارب النقاد في شعر اللغة التي كتبها النص المسرحي، سواء العامية أو الفصحى.
وتناول البروفيسور جلال خشاب من جامعة “محمد الشريف مساعدية” بسوق أهراس، موضوع الهجنة في مداخلة موسومة بـ”اللغة ما بين الرواية والركح: “الأرض والدم” لمولود فرعون نموذجا”، وقال أن الهجنة في الخطاب المسرحي أصبحت من المسائل المطروحة في النقد، حيث بات لزاما اعتماد الهجنة تماشيا والمستجدات الحضارية الحديثة، وكل ما يتخلل العمل الركحي من تداخل ما بين الخطاب الشفوي والعلامات التواصلية الأخرى، ممثلة في الموسيقى والإضاءة والجسد والديكور والمؤثرات الأخرى.
أما الأستاذ المحاضر رضا زواري من جامعة “العربي تبسي” بتبسة، فقد أكد في مداخلة موسومة بـ”التهجين اللغوي في المسرح الجزائري بين الإبداع والتحديات”، أن التهجين اللغوي يمثل في المسرح الجزائري ظاهرة فنية تعكس التعدّدية اللغوية والثقافية للبلاد، حيث يمزج بين الفصحى والدارجة الجزائرية بلهجاتها المتنوّعة والفرنسية، وأحيانا الأمازيغية، مما يثري العمل المسرحي ويجعله أكثر واقعية وقربا من الجمهور، ويعمق من أبعاد الشخصيات ويعبّر عن الهوية الجزائرية المعقدة، كما يفتح آفاقا للتجديد الفني، إلا أن هذا التهجين يواجه تحدّيات تتعلق بصعوبة الفهم لتنوّع اللهجات واللغات، والمخاوف من تهميش الفصحى، وصعوبة تحقيق التوازن اللغوي، ما يتطلب وعيا فنيا عميقا ومسؤولية لغوية وثقافية في استخدام هذه اللغات واللهجات بشكل يخدم العمل الدرامي ويعزّز التواصل مع الجمهور على حد تعبيره.
في حين، أكدت الدكتورة نادية موات مديرة مخبر الدراسات اللغوية والأدبية بجامعة قالمة، أن اللغة في النص المسرحي تختلف عنها في العرض المسرحي، موضحة أن اللغة في النص المسرحي تعتبر علامات لغوية لسانية، أما في العرض المسرحي تعتبر علامات لغوية، إضافة إلى علامات سمعية بصرية، حيث تتحوّل الإضاءة إلى لغة، كما تتحوّل الموسيقى إلى لغة، وأيضا، يتحوّل الديكور إلى لغة، وكذا الممثل بجسده وإيماءاته، وكل ما يصدر عنه هو لغة في حد ذاته، يقوم على إشكالية جوهرية تتوزّع بين النص المسرحي والعرض المسرحي.
ونشير إلى أن هذا الملتقى يعد أول ملتقى في المسرح بجامعة قالمة، إذ يفكر مخبر الدراسات اللغوية والأدبية بقالمة، في سبل ربط المؤسسة الجامعية بالمحيط الخارجي، في محاولة لربط مخبر الدراسات بدار الثقافة، والمسرح الجهوي، وإخراجه من الجانب الأكاديمي إلى جوانب أكثر حيوية تهم المجتمع باعتبار المسرح أبو الفنون، والقصد من هذا الملتقى، تعريف طلبة الجامعة بالمسرح، وتقريبهم من هذا الفن.
وردة زرقين – الجزائر –